أول وقف خيري في الإسلام

أول وقف خيري في الإسلام

أول وقف خيري في الإسلام

لا خلاف في أن مسجد قباء يعد أول وقف ديني في الإسلام ، أما أول وقف خيري استثماري في الإسلام ففيه خلاف ، حيث يوجد أكثر من وقف في عهد النبوة ، منها ما يلي :

1- وقف النبي صلى الله عليه وسلم لأموال مخيريق اليهودي

مخيريق كان حبرا عالما من علماء اليهود ، وكان ثريا كثير الأموال ، وقد علم صدق النبي صلى الله عليه وسلم في رسالته بصفته وعلمه وحكمته ، ومال إلى دين الإسلام حتى إذا جاء يوم غزوة أحد ، وكانت يوم سبت قال لجمع من اليهود : يا معشر يهود ، والله إنكم لتعلمون أن نصر محمد عليكم حق . قالوا اليوم يوم سبت ، قال لا سبت لكم ، ثم أخذ سلاحه وانطلق ، حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم بأحد ، وكان قد أوصى إن قتل في أحد فأمواله للنبي صلى الله عليه وسلم يتصرف فيها بما أراه الله ، فقاتل مع المسلمين حتى قتل .

وبعد مقتل مخيريق آلت أمواله إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكانت سبع حوائط – أي بساتين – فجعلها صدقة ، قال السهيلي ” فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أموال مخيريق وكانت سبع حوائط ، أوقافا بالمدينة لله” [1] ، كما حكى ابن كثير عن محمد بن كعب القرظي قوله : وكانت – أي حوائط مخيريق أول وقف بالمدينة [2].

2- وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرضا له بخيبر

روى عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصاب أرضاً بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال: يارسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟ قال: ((إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها))، قال: فتصدق بها عمر، أنه لا يباع ولا يبتاع، ولا يورث أو لا يوهب، قال: فتصدق عمر في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل والضعيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، أو يطعم صديقاً غير متمول فيه [3].

3- وقف عثمان رضي الله عنه بئر رومة

عن عثمان  بن عفان رضي الله عنه  ” أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة، وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة، فقال: ” من يشتري بئر رومة فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة، فاشتريتها من صلب مالي ” [4] وكانت البئر ملكا لرجل من مزينة يسقي عليها بأجر ويعنت الناس بسعره فحث الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة على شرائها محفزا لهم بثوابها العظيم عند الله في الجنة ، فاشتراها عثمان رضي الله عنه ووقفها لله .(وللحديث بقية ـ بإذن الله ـ في المقال القادم).

1) السيرة النبوية لابن كثير ، تحقيق : مصطفى عبد الواحد ، دار المعرفة للطباعة بيروت- لبنان ، 1395هـ  ، 3/72

2) السابق : 3/73

3) صحيح البخاري ،تحقيق محمد زهير ، دار طوق النجاة ط 1، باب الشروط في الوقف برقم (2772)، 4/12، ومسلم في كتاب الوصية، في باب الوقف برقم (1632).

4) الجامع للترمذي: تحقيق بشار عواد ، دار الغرب الإسلامي – بيروت ، رقم (3703) ،  6/68