محاسبة ناظر للغبن في أجرة الوقف ولطول مدة الإيجار

محاسبة ناظر للغبن في أجرة الوقف ولطول مدة الإيجار

ديوانية تسبيل: دعاوى الأجرة واستثمار عقارات الوقف

الدعوى الرابعة: محاسبة ناظر للغبن في أجرة الوقف ولطول مدة الإيجار.

معلومات الدعوى: رقم القضية: ٣٣١٨١٩٧١ تاريخها: ١٤٣٣
أطراف الدعوى:
المدعي: مستحق في وقف
المدعى عليه: ناظر في وقف ومستأجر في وقف

دعوى المدعي:
حيث قام المدعى عليه ناظر الوقف بتأجير مجمع وقفي عائد للوقف، والمكوّن من ثلاثة أبراج سكنية؛ كل برج مكون من عشرة طوابق، وكل برج يحتوي على منافع ومحال تجارية وذلك على المدعى عليه الثاني بموجب العقد المؤرخ في ٢٩ / ٢/ ١٤٢٧ ه لمدة عشرة أعوام هجرية نظير قيمة إيجار سنوية قدرها مليون وثلاثمئة وخمسون ألف ريال عن الخمسة الاعوام الأولى، ومبلغ مليون وستمئة ألف ريال سنويا خلال الخمسة أعوام الأخيرة من مدة العقد؛ وحيث إن ذلك العقد مخالف للضوابط الشرعية الخاصة بتأجير عقار الوقف، ولا
ينفذ في حق الوقف والمستحقين للأسباب الآتية:
1- مدة العقد عشر سنوات مخالفة لما اتفق عليه جمهور العلماء، ومخالفة لما استقر عليه العمل القضائي؛ حيث إنه لا يجوز تأجير عقار الوقف لمدة تزيد على سنة في العقار لمفاسد الأجرة الطويلة التي قد تؤدي إلى دعوى تملك الوقف، ونهب استحقاقات البطون اللواحق، وتأجير الوقف دون أجرة المثل؛ حيث لا يستطيع أحد معرفة أجرة المثل بعد خمس سنوات مثلا من بداية العقد.
2- الأجرة الحالية تقل عن أجرة المثل؛ حيث اشترط جماعة الفقهاء أن يكون تأجير الموقوف بما لا يقل عن أجرة المثل، فلا يجوز تأجيره بغبن فاحش.
طلبات المدعي:
وبناءً على ما تقدم؛ وحيث يتضح أن العقد موضوع الدعوى قد ألحق بالوقف ومستحقيه غبنا فاحشا مما يحق فسخه، وإبطاله للأسباب المذكورة، كما يلزم الناظر بضمان النقص عن أجرة المثل، فإنني بصفتي المذكورة أطلب من فضيلتكم الحكم بفسخ عقد الإيجار، وإلزام المدعى عليه الأول بضمان فارق الأجرة عن السنوات الماضية منذ تاريخ إبرام العقد، وحتى تاريخ الفسخ.
إجابة المدعى عليهم: إجابة الناظر:
1- ما ذكره المدعى بأنني قمت بتأجير المجمع على المستأجر، بالعقد المذكور وبالأجرة التي ذكرها فصحيح.
2- ما ذكره بشأن مخالفة الضوابط الشرعية بسبب تأجيره المجمع لمدة عشر سنوات فغير صحيح، ومردود عليه لأنه لم يرد لا بشرط الواقف ولا بصك النظارة أي نص يقيد الناظر بمدة تأجير معينة؛ عليه فالمرجع في ذلك تحقق المصلحة والغبطة للوقف وقد عملنا بذلك في هذا العقد.
3- أما بشأن الادعاء بأن قيمة الأجرة كانت أقل من أجرة المثل فمردود لعدم البينة،
4- أن المجمع محل الدعوى أنشئ في عام ١٤٠١ ه وكان في حاجة ماسة إلى إصلاحات وترميمات شاملة تتطلب مبالغ مالية ضخمة لإجرائها، وقد تعهد المستأجر عند إبرام الإجارة معه بتحمل كافة نفقات الإصلاحات على حسابه الخاص؛ لذا فالأجرة كانت محققة للغبطة والمصلحة للوقف لكون هذه الإصلاحات ستؤول كلها عند نهاية الإجارة للوقف، وهو ما يؤدى إلى رفع قيمة الإيجار للمجمع بما يعود بمصلحة كبيرة على الوقف ومستحقيه.

إجابة المدعى عليه الآخر المستأجر:
أرد على مطالبة المدعي بمثل دعواه وذلك إن قيمة المثل لابد أن تساوي حالة المثل لذلك أطالبه بالإثبات
والبينة ووصف حالة العين عام ١٤٢٧ ه تاريخ العقد ليقارن بحالة المثل الآن و لماذا سكت المدعي على مستأجر العين السابق )…( بقيمة إيجار متساوية تقريباً دون إلزامه بإصلاح وصيانة العين ؟ مقارنة بما قمنا به من ترميم، وهو تحويل العين من ) ١٦٠ ( شقه إلى ) ٢٢٤ ( غرفة فندقية كل غرفة بحمام، ناهيك عن تنفيذ الاشتراطات الجديدة للدفاع المدني، ولجنة إسكان الحج، التي لم يتضمنها العقد ولا مرفقه؛ حيث استنزف الكثير من النفقات، وطالبنا الناظر بالتعويض.
إجابة المدعي على إجابة المدعى عليهما:
وبعرض ذلك على المدعي فقال نرد على ذلك بما يلي: ذهب جمهور الفقهاء في الأصح إلى أنه يتبع شرط الواقف في إجارة الموقوف؛ لأن شرط الواقف كنص الشارع. أما إذا لم يشترط الواقف شيئاً فيما يخص مدة التأجير فالقول عند الحنفية سنة في الدار وثلاث سنين في الأرض، وعند المالكية عام واحد.

إجراءات القاضي:
1- جرت الكتابة لقسم الخبراء
2- عادت الإفادة من قسم الخبراء متضمنة ما نصه: „عليه فقد تم الوقوف على العقار محل النزاع وهو عبارة عن ثلاثة أبراج سكنية أما من ناحية تقدير الأجرة في العام الماضي فهي سبعة ملايين وأربعين ألف ريال. أما بالنسبة للعقد المبرم فليس فيه غبطة ومصلحة لجهة الوقف، هذا ما جرى تقديره.
3- وبعرض ذلك على المدعي قال: إنني موافق على التقدير. ، وقرر المدعى عليهما عدم قناعتهم بتقرير قسم الخبراء ، وطعنوا فيه بالوهم ومخالفة أسس التقدير الحديث .
4- جرى سؤال المدعى عليه الأول عن جوابه في أن صك الوقفية والنظارة لم تحدد فيها مدة الإيجار، وإنما أطلق ذلك للناظر، فأبرز صورة صك النظارة وصك الوقفية وتم رصد ما تضمنهما.
5- تم إدخال متداخل طلب إدخاله في الدعوى بصفته أحد المستحقين للوقف، وتم تسجيل إفادته حيث قرر بأنه بعد انتهاء عقد الإجارة السابق عام ١٤٢٦ ه قدمت عرضاً للناظر بمبلغ (مليونان وخمسمئة ألف ريال لمدة ثلاث سنوات) فلم يرد علي، وتفاجأت بهذا العقد قبل شهرين من رفع الدعوى، هكذا أفاد.
6- وبعرض ذلك على ناظر الواقف فإجاب: المتد-لم يقم المتداخل بتسليم الناظر أي عروض وعليه تقديم ما يثبت استلام موكلي للعرض والمشرفين على الوقف والمتداخل في الدعوى وغيره من المستحقين كانوا يعلمون أن المجمع معروض للإيجار بالإصلاحات المطلوبة لضمان استمرار الانتفاع به.
7- عليه فقد قررتُ قفل باب المرافعة، وبعد ما سبق ضبطه، وما جرى الاطلاع عليه،

تسبيبات الحكم:
بما أن المدعي يطلب فسخ عقد أجرة عقار الوقف المبرم بين المدعى عليه الأول والمدعى عليه الثاني؛ كون مدة العقد تخالف ما تعارف النظار عليه، وذلك بأن المدعى عليه الأول أجره لمدة عشر سنوات، وأن الأجرة دون أجرة المثل، ومطالبا الناظر بضمان النقص الحاصل بين القيمتين، وكذا طلب المتداخل أصالة بمثل ما طلب به المدعي وكالة، وما دفع به المدعى عليه الأول من أن صكي النظارة والوقفية التي يسار عليهما في إدارة شؤون الوقف لم يُشترط عليه شيء فيهما يتعلق بمدة الأجرة، وأن الأجرة تساوي قيمة المثل وقت إبرام العقد، لاسيما مع الاشتراطات التي ألزم المستأجر بعملها، وبناء على أن عقد الأجرة لازم نقل ذلك ابن تيمية في الفتاوى ، وقال الشيخ تقي الدين في الإقناع عن لزم الأجرة إنها باتفاق الأئمة وبما أن الواقف لم يشترط على الناظر ولا من أقام الناظر شيئا يتعلق بمدة الإجارة. وما نقله المدعي من كلام لأهل العلم في تحديد مدة الإجارة إنما هو ما خيف عليه الضياع أو شرط على الناظر ذلك، وهذا غير متحقق في دعواه، وقد أيد ذلك نظام المرافعات الشرعية الصادر بالمرسوم الملكي ذي الرقم م/ ١ في الفقرة الثانية من المادة الثالثة والعشرين بعد المئتين: „ إذا اقتضت المصلحة التصرف في الوقف الأهلي ببيعه أو استبداله أو نقله أو رهنه أو الاقتراض له أو تعميره أو شراء بدل منه أو تجزئته أو تأجيره لمدة تزيد على عشر سنوات … إلخ”؛ وبما أن المتداخل أثبت علمه بعرض المدعى عليه للعقار، وأن صديقه قدم له عرضا ولم يتابع هذا العرض، لاسيما مع طول العهد، وهذا مما يدفع به قرار قسم الخبراء ، فسكوته طوال هذه المدة إقرار للناظر على فعله، كما أنه ينظر بعين الاعتبار الإزالة التي حصلت في محيط الحرم المكي بعد العقد، وتأثيرها في العقار. والناظر في هذا إنما يؤجر لحظ نفسه، فهو من المستحقين؛ ولزيادة الغلة المقدرة له بزيادة الأجرة؛ لذا فقد حكمت برد دعوى المدعي وطلب المتداخل، وأخليت سبيل المدعى عليهما،

الاستئناف:
بدراسة الصك وصورة ضبطه ولائحته الاعتراضية تقررت الموافقة على الحكم.

الدروس المستفادة:
أولاً: أسباب الدعوى:
1- عدم شفافية الناظر مع المستحقين
2- حياء المستحقين من سن الناظر أو مكانته الاجتماعية أو العلمية وعدم المطالبة بحقوقهم.
3- الإدارة الفردية، وعدم وجود الإدارة المؤسسية في الأوقاف.
1- عدم اللجوء لخبير عقاري عند البد في الأجرة لتقديمه كحجة للمستحقين والقضاء إن لزم.
2- عدم وضع لوائح نظامية تحدد أعمال النظار وعدم وجود المحاسب في هذا الوقف.

ثانياً: الأثار المترتبة على الدعوى:
3- قطعية الرحم بين أبناء الوقف الواحد.
4- تحمل الوقف لأعباء التقاضي.. واشغال الناظر بالترافع عن إدارة الوقف والاهتمام به.

ثالثاً: الإجراءات والأسباب التي بُني عليها الحكم (القاضي).
1- الكتابة إلى قسم الخبراء والمختصين لتقرير الأجرة.
2- عمل القاضي بالقواعد الشرعية الأصل في العقود اللزوم. و (العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني)
3- استنبط القاضي حكمه بالنظر إلى فقه المألات الشرعية، وذلك بالنظر لمستقبل الوقف مع أن تقرير الخبراء أفاد بعدم تحقق الغبطة للوقف.
4- عمل القاضي بالقرائن الشرعية، وذلك بالمقارنة بحال الوقف الحالي، بما كان عليه سابقاً.

رابعاً: الوسائل الوقائية لمثل هذه الدعوى.
1- العمل على أنشاء الإدارة المؤسسية للأوقاف.
2- العمل على أن يكون هناك تقارير دورية ترفع لكل مستحق في الوقف ، للحفاظ على الشفافية وحماية الوقف من أي دعاوى مستقبلية.
3- الاستعانة بأصحاب الاختصاص في صياغة العقود وتوثيق الأوقاف، وأعيانه، وشروط تأجيره واستثماره.
4- تضمين صك النظارة على أعمال الناظر ومسؤولياته، وذلك بوضع لوائح نظامية محددة يعمل بها لتطوير الوقف وتنميته ، وذلك لسد مداخل النزاع ، وحماية الوقف.