ماذا تعرف عن الوقف ؟

ماذا تعرف عن الوقف ؟

ماذا تعرف عن الوقف

الحمد لله وحده ، وبعد :

فقد قال عليه الصلاة والسلام: ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) (رواه مسلم)، والوقف بلا شك من الصدقات الجارية، فهو بر دائم وأجر لا ينقطع.قال جابر رضي الله عنه : “لم يكن أحدٌ  من أصحاب النبي  {صلى الله عليه وسلم} ذو مقدرة إلا وقف ” وروي عن زيد بن ثابت – رضي الله عنه- أنه قال : لم نر خيرا للميت ولا للحي من هذه الحبس الموقوفة أما الميت فيجري أجرها عليه وأما الحي فتحبس عليه ولا توهب ولا تورث ولا يقدر على استهلاكها(. ويمكن إعطاء نبذة مختصرة عن الوقف من خلال النقاط التالية:

تعريف الوقف :

عرفه ابن قدامة بقوله:(ومعناه تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة). وهذا يعني وقف التصرف في العين المراد وقفها ببيع أو توريث أو غيرهما، وصرف ريعها في وجوه الخير ما بقيت.

 

 مشروعية الوقف :

دل على مشروعية الوقف الكتاب، والسنة، والإجماع.

فمن الكتاب : قال تعالى: { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} (سورة آل عمران 92) ، وقال تعالى: {وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمو ن} (سورة البقرة 280) ، وقال سبحانه وتعالى:{ يأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض{ ).البقرة:67).

ومن السنة : روي عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له “.

وروي عن عمرو بن الحارث قال: “ما ترك رسول الله دينارًا ولا درهمًا ولا عبدًا ولا أمة، إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها وسلاحه وأرضًا جعلها لابن السبيل صدقة “.

حيث تصدق النبي صلى الله عليه وسلم بمنفعة هذه الأرض فصار حكمها حكم الوقف.

وروي عن أنس رضي الله عنه أن أبا طلحة رضي الله عنه قال: “يا رسول الله إن الله يقول: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون }، وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال: بخ بخ ذلك مال رابح، قالها مرتين، أرى أن تجعلها في الأقربين “.

هذا فضلا عن وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأرض أصابها في خيبر، ووقف عثمان رضي الله عنه لبئر رومة .

ومن الأثر : روي عن جابر رضي الله عنه قال: “لم يكن أحد من أصحاب رسول الله ذو مقدرة إلا وقف”.

وقال عبد الله بن الزبير الحميدي: “تصدق أبو بكر بداره بمكة على ولده، وتصدق عمر بربعه عند المروة وبالثنية على ولده، وتصدق علي بأرضه بينبع، وتصدق الزبير بن العوام بداره بمكة في الحرامية وداره بمصر وأمواله بالمدينة على ولده، وتصدق سعد بن أبي وقاص بداره بالمدينة وبداره بمصر على ولده، وتصدق عثمان برومة، وعمرو بن العاص بالوهط من الطائف وداره بمكة على ولده، وتصدق حكيم بن حزام بداره بمكة والمدينة على ولده، قال وما لا يحضرني ذكره كثير يجزئ منه أقل مما ذكرت”.

ومن الإجماع : حكى الترمذي والنووي والكاساني والقرطبي والشوكاني وغيرهم اتفاق أهل العلم على مشروعية الوقف في الجملة، قال القرطبي – رحمه اللَّه – : ” إن المسألة إجماع من الصحابة ، وذلك أن أبا بكر، وعمر، ،وجابرا ، وابن الزبير ، وعمرو بن العاص ،وفاطمة ،وعائشة ،ًوعليا ،وعثمان كلهم وقفوا الأوقاف وأوقافهم بمكة والمدينة معروفة مشهورة “.

أركان الوقف :

للوقف أربعة أركان لا يتم إلا بها وهي : الواقف والموقوف والموقوف عليه والصيغة.

  • الواقف : وهو المكلف الرشيد الحر الذي صدر منه الإيجاب بإنشاء عقد الوقف .
  • الموقوف : وهو كل عين مملوكة يصح بيعها.
  • الموقوف عليه : وهو الذي يخصص الوقف أو ريعه عليه سواء كان معيناً كشخص أو جماعة، أو غير معين كجهة من الجهات.
  • الصيغة : وهو القول الذي دل على إنشاء عقد الوقف، وكذا الفعل الدال عليه، كما لو بنى مسجداً وخلى بينه وبين الناس، أو مقبرة وأذِن في الدفن فيها.

 

هل يعد قبول الموقوف عليه من أركان الوقف ؟

اتفق الفقهاء على أن المعتبر في الصيغة إيجاب الواقف ، فـيكون الوقف من العقود التي تنعقد من طرف واحد ، ولا يعد قبول الموقوف عليه من أركان الوقف إلا إذا كان معينا كشخص أو جماعة فجمهور العلماء على أنه لا يشترط قبولهم أيضا ، هذا مذهب الحنفية والحنابلة وأحـد الوجهين عند الشافعية ، وذهبت المالكية وهو الوجـه الآخر عند الشافعية ورواية عند الحنابلة إلى أنه يعتبر قبول الموقوف عليه المعين أو وليه إذا كان صغيرا ما وقف عليه.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،

 

 

المراجع

  • المغني :ابن قدامة ، مكتبة القاهرة ، 6/3 .
  • أخرجه مسلم في صحيحه ،(1631) ،تحقيق حمد فؤاد عبد الباقي ،دار إحياء التراث العربي – بيروت .
  • صحيح البخاري ، دار طوق النجاة، ط1 ،1422 .
  • فتح الباري لابن حجر ، رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي دار المعرفة – بيروت، 1379 .
  • السنن الكبرى للبيهقي ،تحقيق محمد عبد القادر عطا ، دار الكتب العلمية.
  • شرح النووي لصحيح مسلم ، دار إحياء التراث العربي – بيروت ، ط2 ، 1392هـ .
  • سنن الترمذي ،تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي، كتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي – مصر.
  • تفسير القرطبي ، تحقيق :أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش ، دار الكتب المصرية – القاهرة ، ط2 .
  • مجلة البحوث الإسلامية ، العدد السابع والسبعون 1427هـ .

 

About the author